-->

الطيب العقبي


مولد الطيب العقبي ونشأته

هو الطيب بن محمد بن إبراهيم، من عائلة محمد بن عبد الله التي تنتسب إلى قبيلة أولاد عبد الرحمن الأوراسية.
ولد في شهر شوال سنة 1307 هـ الموافق لـ 1890 م في ضواحي بلدة سيدي عقبة التي ينسب إليها.

وهاجرت أسرته كلها إلى المدينة المنورة في سنة 1895 م أثناء حملات الهجرة التي سببتها محاولة فرض التجنيد الإجباري على الجزائريين في صفوف الجيش الفرنسي.
وفي المدينة النبوية حفظ القرآن الكريم ودرس العلوم الشرعية، ورغم أن والده توفي وهو في سن الثالثة عشر فإنه لم ينقطع عن الطلب واستمر فيه.
واشتغل بالتدريس هناك، ونشر في الصحف مقالات أكسبته صداقة بعض المصلحين كشكيب أرسلان ومحب الدين الخطيب.
وعند قيام ثورة الشريف حسين نفاه العثمانيون إلى شبه الجزيرة التركية بحجة انتمائه إلى القوميين العرب، وقيل لأنه رفض الانخراط في صفوف العثمانيين
وعند انتهاء الحرب العالمية الأولى عاد إلى مكة حيث أكرمه الأمير الحسين وأسند إليه رئاسة تحرير جريدة القبلة وكذا إدارة المطبعة الأميرية في مكة خلفا للشيخ محب الدين الخطيب.
وفي مارس 1920 م رجع العقبي إلى الجزائر وذلك لأسباب منها عدم الاستقرار الذي خيم على الحجاز في تلك الأيام نتيجة الصراع السعودي الهاشمي، ومنها الاعتداء الذي وقع على أملاك عائلته في مسقط رأسه.

التحاق الشيخ بنادي الترقي بالعاصمة

ولما تأسست جمعية العلماء انتخب ضمن أعضاء مجلسها الإداري، وعين نائبا للكاتب العام، وكان ممثلها في عمالة الجزائر.
وكذلك تولى رئاسة تحرير جرائد الجمعية:" السنة" و"الشريعة" و"الصراط" ثم جريدة "البصائر" من أول عدد لها 27 سبتمبر 1935 م إلى العدد 83 الصادر في 30 سبتمبر 1937 م، حيث انتقلت إدارتها إلى قسنطينة، وأشرف عليها الميلي إلى أن توقفت بسبب الحرب في العدد 180 الصادر في 25 أوت 1939 م.
ومن نشاطه في ظل الجمعية إشرافه على مدرسة الشبيبة الإسلامية وترأس الجمعية الخيرية الإسلامية، ولازم نادي الترقي يدرس فيه إلى أن أقعده المرض في بيته في حي بولوغين بالعاصمة.

مشاركته في تأسيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر

لقد كان العقبي بما له من دور بارز وهام في حمل راية الإصلاح والدعوة والتوحيد في الجزائر من المؤسسين البارزين لجمعية العلماء، ولذلك انتخب ضمن مجلس الإدارة.

وعين نائب الكاتب العام وممثلها في عمالة الجزائر، وتولى رئاسة تحرير صحف الجمعية (السنة والشريعة والصراط)، ثم جريدة (البصائر) من أول عدد لها صدر في 27 سبتمبر/ أيلول 1935م إلى العدد 83 الصادر في 30 سبتمبر 1937م حيث انتقلت إدارتها إلى قسنطينة، وكان العقبي في مقارعة شجاعة مع مختلف صحف الطرقيين (الإخلاص، المعيار، البلاغ الجزائري) التي حظيت بدعم سلطة الاحتلال بعكس صحافة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

ومن نشاطاته في جمعية العلماء: إشرافه على مدرسة الشبيبة الإسلامية ودعا إلى إنشاء منظمة شباب الموحدين..وكانت له أنشطة أخرى خارج نطاق جمعية العلماء، فقد كان رئيسا للجمعية الخيرية الإسلامية، ومحاضرا دائماً في نادي الترقي منذ مجيئه للعاصمة سنة 1931م، بعد تأسيس جمعية العلماء وحتى أقعده المرض سنة 1958.

أما سبب كونه خطيب ومحاضر النادي فهو أن أهل النادي كانوا يبحثون عن عالم يتولى مهمة المحاضرة والتدريس فيه، فلما حضر العقبي اجتماع جمعية العلماء المسلمين الأول وألقى محاضرة خلبت الألباب وأثرت في النفوس، رأى فيه أهل النادي الأهلية لأداء تلك المهام فاتفقوا معه على أن ينتقل إلى العاصمة.وكانت له دروس في مساجد العاصمة كالمسجد الجديد والمسجد الكبير في التفسير والعقيدة والفقه، والتي لمس سكان العاصمة تأثيرها بينهم


تراث الشيخ وتلاميذه:

ترك الشيخ العقبي آثارا كثيرة مكتوبة لو تتبعت وجمعت لجاءت في مجلدات، لأنها في غالبها مقالات في الصحف والمجلات، ومن أبرز تلاميذه: فرحات بن الدراجي (1909 - 1951)، وعمر بن البسكري (1889 - 1968)، ومحمد العيد آل خليفة (1904 - 1979)، أبو بكر الجزائري، شفاه الله تعالى، المدرس بالمسجد النبوي.

من أقوال العلماء عنه:
*  قال صديقه ابن باديس: «من ذا الذي لا يتمثل في ذهنه العلم الصَّحيح والعقل الطاهر، والصَّراحة في الحقّ والصَّرامة في الدِّين، والتّحقّق بالسّنّة، والشّدّة على البدعة، والطِّيبة في العِشرة، والصِّدق في الصُّحبة إذا ذُكِرَ الأستاذُ العُقبيُّ».
* قال الشيخ الإبراهيمي: « هو من أكبر الممثلين لهديها – أي الجمعية – وسيرتها والقائمين بدعوتها، بل هو أبعد رجالها صيتا في عالم الإصلاح الديني وأعلاهم صوتا في الدعوة إليه… وإنما خلق قوّالا للحق أمّارا بالمعروف نهّاء عن المنكر وقافا عند حدود دينه، وإن شدته في الحق لا تعدو بيان الحق وعدم المداراة فيه وعدم المبالاة بمن يقف في سبيله».
* قال الشيخ المبارك الميلي: « ولكن أتى الوادي فطم على القرى، إذ حمل العدد الثامن في نحره المشرق قصيدة «إلى الدين الخالص» للأخ في الله داعية الإصلاح وخطيب المصلحين الشيخ الطيب العقبي أمد الله في أنفاسه، فكانت تلك القصيدة أول المعول مؤثرة في هيكل المقدسات الطرقية، ولا يعلم مبلغ ما تحمله هذه القصيدة من الجراءة ومبلغ ما حدث عنها من انفعال الطرقية، إلا من عرف العصر الذي نشرت فيه وحالته في الجمود والتقديس لكل خرافة في الوجود».
* قال أحمد توفيق المدني :«كان خطيبا مصقعا من خطباء الجماهير، عالي الصوت سريع الكلام، حاد العبارة يطلق القول على عواهنه كجواد جامح دون ترتيب أو مقدمة أو تبويب أو خاتمة، وموضوعه المفضل هو الدين الصافي النقي، ومحاربة الطرقية ونسف خرافاتها والدعوة السافرة لمحاربتها ومحْقها».
* قال الشيخ أبو يعلى الزواوي : «العلامة السلفي الصالح داعية الإصلاح الديني».
* قال العلامة شكيب أرسلان: «… فالميلي وابن باديس والعقبي والزاهري حملة عرش الأدب الجزائري الأربعة».
* قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي: « الأستاذ السلفي الداعية النبيل الشيخ الطيب العقبي».

وفاته
وقد كان العقبي داعيةً في حياته وموته، فقد أوصى بشدة وإلحاح بأن تكون جنازته على السنة بعيدة عن البدع، فلا يكون فيها ذكر جهري ولا قراءة البردة، ولا حتى قراءة القرآن حال التجهيز أو حين الدفن، وأن لا يؤذن لأي واحد من الحاضرين أن يقوم بتأبينه قبل الدفن أو بعده.
وقد توفي الشيخ الطيب العقبي رحمه الله تعالى في 21 مايو/ أيار 1961م، ودفن في مقبرة           «ميرامار» بالرايس حميدو، لأنها مقبرة شعبية خالية، بتأثير العقبي، من الشركيات والبدع التي يأتيها الجهلة على القبور، وكانت جنازته جنازة مهيبة حضرها قرابة خمسة آلاف شخص.


اقرأ أيضا:

0 التعليقات



Emoticon