كان النهر في الأيام القديمة قادراً على الكلام، وكان يحلو له التحدث مع الأطفال الذين يقصدونه ليشربوا من مائه ويغسلوا وجوههم وأيديهم، فيسألهم مازحاً: "هل الأرض تدور حول الشمس أم الشمس تدور حول الأرض؟".
وكان النهر يبتهج لحظة يسقي الأشجار فيجعل أوراقها خضراء.
وكان يهب ماءه بسخاء للورد كي لا يذبل. ويدعو العصافير إلى الشرب من مائه حتى تظل قادرة على التغريد.
ويداعب القطط التي تأتي إليه فيرشقها بمائه، ويضحك بمرح بينما هي تنتفض محاولة إزالة ما علق بها من قطرات الماء.
وفي يوم من الأيام أتى رجل متجهم الوجه يحمل سيفاً فمنع الأطفال والأشجار والورد والعصافير والقطط من الشرب من النهر زاعماً أن النهر ملكه وحده.
فغضب النهر، وصاح: "أنا لست ملكاً لأحد".
وقال عصفور عجوز: "لا يستطيع مخلوق واحد شرب ماء النهر كله".
فلم يأبه الرجل الذي يملك سيفاً لصياح النهر وأقوال العصفور إنما قال بصوت خشن صارم:
"من يبغي الشرب من ماء نهري، يجب أن يدفع لي قطعة من الذهب".
قالت العصافير: "سنغني لك أروع الأغاني".
قال الرجل: "الذهب أفضل من الغناء".
قالت الأشجار: "سأمنحك أشهى ثماري".
قال الرجل: سآكل من ثمارك متى أشاء، ولن يستطيع أحد منعي".
قال الورد: "سأهبك أجمل وردة".
قال الرجل ساخراً: وما الفائدة من أجمل وردة؟!.
قالت القطط: "سنلعب أمامك كل صباح ارشق الألعاب، وسنحرسك في الليل".
قال الرجل: "لا أحب ألعابكم، وسيفي هو حارسي الوحيد الذي أثق به".
وقال الأطفال: "نحن سنفعل كل ما تطلب منا".
فقال الرجل: "لا نفع منكم فأنتم لا تملكون عضلات قوية".
عندئذ استولت الحيرة واليأس على الجميع بينما تابع الرجل الكلام قائلاً: إذا أردتم أن تشربوا من ماء نهري، ادفعوا لي ما طلبت من الذهب".
لم يحتمل عصفور صغير عذاب العطش، فأقدم على الشرب من ماء النهر، فسارع الرجل إلى الإمساك به ثم ذبحه بسيفه.
بكى الورد. بكت الأشجار. بكت العصافير. بكت القطط. بكى الأطفال، فهم لا يملكون ذهباً، وليس بمقدورهم العيش دون ماء، ليكن الرجل الذي يملك سيفاً لم يسمح لهم بالشرب من ماء النهر، فذبل الورد، ويبست الأشجار، ورحلت العصافير والقطط والأطفال، فغضب النهر، وقرر الامتناع عن الكلام.
وأقبل فيما بعد رجال يحبون الأطفال والقطط والورد والأشجار والعصافير، فطردوا الرجل الذي يملك سيفاً، وعاد النهر حراً يمنح مياهه للجميع دونما ثمن غير أنه ظل لا يتكلم، ويرتجف دوماً خوفاً من عودة الرجل الذي يملك سيفاً.
وكان النهر يبتهج لحظة يسقي الأشجار فيجعل أوراقها خضراء.
وكان يهب ماءه بسخاء للورد كي لا يذبل. ويدعو العصافير إلى الشرب من مائه حتى تظل قادرة على التغريد.
ويداعب القطط التي تأتي إليه فيرشقها بمائه، ويضحك بمرح بينما هي تنتفض محاولة إزالة ما علق بها من قطرات الماء.
وفي يوم من الأيام أتى رجل متجهم الوجه يحمل سيفاً فمنع الأطفال والأشجار والورد والعصافير والقطط من الشرب من النهر زاعماً أن النهر ملكه وحده.
فغضب النهر، وصاح: "أنا لست ملكاً لأحد".
وقال عصفور عجوز: "لا يستطيع مخلوق واحد شرب ماء النهر كله".
فلم يأبه الرجل الذي يملك سيفاً لصياح النهر وأقوال العصفور إنما قال بصوت خشن صارم:
"من يبغي الشرب من ماء نهري، يجب أن يدفع لي قطعة من الذهب".
قالت العصافير: "سنغني لك أروع الأغاني".
قال الرجل: "الذهب أفضل من الغناء".
قالت الأشجار: "سأمنحك أشهى ثماري".
قال الرجل: سآكل من ثمارك متى أشاء، ولن يستطيع أحد منعي".
قال الورد: "سأهبك أجمل وردة".
قال الرجل ساخراً: وما الفائدة من أجمل وردة؟!.
قالت القطط: "سنلعب أمامك كل صباح ارشق الألعاب، وسنحرسك في الليل".
قال الرجل: "لا أحب ألعابكم، وسيفي هو حارسي الوحيد الذي أثق به".
وقال الأطفال: "نحن سنفعل كل ما تطلب منا".
فقال الرجل: "لا نفع منكم فأنتم لا تملكون عضلات قوية".
عندئذ استولت الحيرة واليأس على الجميع بينما تابع الرجل الكلام قائلاً: إذا أردتم أن تشربوا من ماء نهري، ادفعوا لي ما طلبت من الذهب".
لم يحتمل عصفور صغير عذاب العطش، فأقدم على الشرب من ماء النهر، فسارع الرجل إلى الإمساك به ثم ذبحه بسيفه.
بكى الورد. بكت الأشجار. بكت العصافير. بكت القطط. بكى الأطفال، فهم لا يملكون ذهباً، وليس بمقدورهم العيش دون ماء، ليكن الرجل الذي يملك سيفاً لم يسمح لهم بالشرب من ماء النهر، فذبل الورد، ويبست الأشجار، ورحلت العصافير والقطط والأطفال، فغضب النهر، وقرر الامتناع عن الكلام.
وأقبل فيما بعد رجال يحبون الأطفال والقطط والورد والأشجار والعصافير، فطردوا الرجل الذي يملك سيفاً، وعاد النهر حراً يمنح مياهه للجميع دونما ثمن غير أنه ظل لا يتكلم، ويرتجف دوماً خوفاً من عودة الرجل الذي يملك سيفاً.
زكريا تامر
1 التعليقات