-->

ندم حصان .. زكريا تامر


كان الحصان في قديم الزمان يحيا في البراري الواسعة، و يفرح أعظم الفرح عندما يركض سريعا كالريح.
و قد رآه يوما تاجر غني فأعجب به، و سارع يطلب منه أن يعمل عنده.
سأله الحصان مستغربا: " و ماذا تريد مني أن أعمل؟"
قال التاجر "سيكون عملك أن تجر عربتي"
فأجاب الحصان بلهجة صارمة: " لن أكون خادما لأحد، و لن أجر عربتك"
قال التاجر: "سأعطيك أجرك شعيرا كثيرا، سيكون بوسعك أن تسكن في إسطبل و ترى أضواء المدينة و تشاهد المحلات الجميلة و تتمتع برؤية الناس"
 فاستولت الدهشة على الحصان و قال متسائلا: "و هل أستطيع أن أركض مع الريح في البراري الواسعة؟"
أجاب التاجر: "لا داعي لذلك ، سوف تمضي يومك في زيارة المدينة الجميلة وستأكل عندما تجوع"...
ضحك الحصان ساخرا وقال:" انا لست محتاجا إلى شعيرك، أجوع فآكل من العشب،أعطش فأشرب من ماء النهر، اتعب فانام على الأوراق المتساقطة من الأشجار".
قال التاجر:"رائعة هي الحياة في المدينة ،هناك.....
فقاطعه الحصان قائلا بوقار:" كلامك مضحك".
غضب التاجر الذي تعود ان ينال دائما بما لديه كل ما يريد،وعاد الى مدينته محمرّ الوجه مهددا بالانتقام.
لم يكثرث الحصان بحديث التاجر،واستمر يعيش سعيدا حّرا.
غير ان السهول الخضراء التى كانت موطنا للحصان أصيبت بجفاف شديد فلم تنهمر الأمطار،ولم ينبت العشب ويبست الأشجار، فجاع الحصان جوعا شديدا، وعلم التاجر بما حلّ بالحصان فابتهج وقابل الحصان وقال له:"إذا قبلت جر عربتي،فسأعطيك أجرك كمية من الشعير، لا تتردد، عليك الآن أن تختار: إما أن تهلك جوعا وإما أن تجر عربتي".

قال الحصان بزن وخجل:" سأجرّ عربتك".

وترك الحصان البراري،إلى المدينة وهناك راح يجر عربة التاجر.ولكن بعد أيام عدة اشتد شوقه إلى البراري، فقال للتاجر:"إعتبرني منذ اليوم مستقيلا من عملي".وأضاف الحصان قائلا:" أريد الرجوع إلى البراري حيث ولدت".فضحك التاجر ضحكة ماكرة وقال:"لن اسمح لك بالعودة إلى البراري"".
أجاب الحصان محتّدا:"أنا حر افعل ما أشاء".فنظر التاجر إلى الحصان ساخرا ثم قال له:"لقد أصبحت عبدا لي منذ قبلت بوضع الطوق حول رقبتك واللجام في فمك".صهل الحصان ساخطا وقال للتاجر:"لن أجّر عربتك".أجاب التاجر ببرود:" إذا لم تجر عربتي فلن أطعمك".
وبقي الحصان أياما ممتنعا عن جر عربة التاجر.ونفّذ التاجر وعيده فلم يقدم للحصان أيّ طعام.
وجاع الحصان فاضطر لأن يعود خائبا إلى عربة التاجر...
مساء كل يوم كان الحصان يعود إلى الإسطبل ذليلاً منهوك القوى، ويرسل صهيلا حزينا ليسمع إخوته في البراري:
" إن الذي يبيع حريته مرة واحدة، يظلّ عبدا طيلة حياته". 

زكريا تامر

اقرأ أيضا:

0 التعليقات



Emoticon