-->

الشيخ البشير الإبراهيمي يعظ المعلمين

أيها الأبناء الأعزّة!
إن هذه الحركة العلمية المباركة أمانةٌ في أعناقنا جميعًا، وعهد إلهي محتم الوفاء علينا جميعًا، فنحن في تحمله وفي وجوب الوفاء به سواسية، ليس صغيرنا بأقل تبعةً ولا أخف حملًا من كبيرنا؛ ونحن في تحمل هذه الأمانة وأدائها أمام ربّ يعلم ما نخفي من النيات وما نعلن من الأعمال، وأمام أمة تعين على الوسائل، وتنتظر النتائج، وتحاسب على ما بينهما، وأمام تاريخ لا يغادر سيئةً ولا حسنةً إلا أحصاها، وأمام خصوم أشداء يحصون الأنفاس ليوقعوا العقوبة ويترقبون العثرة ليعلنوا الشماتة، فلنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا الناس، ولنقدّر موقع أقدامنا قبل أن نضع الأقدام، ولنجعل من ضمائرنا علينا رقيبًا لا يغفل ولا يتسامح.
إننا نزيد عليكم- بعد الاشتراك في حمل الأمانة العامة- باستحكام التجربة، وعرك الأيام، وعجم الحوادث، والتمرّس بالخصوم، والصبر على المكاره، والاستخفاف بالحساد الذين أكل الحسد أكبادهم، فما بالينا أطاروا أم وقعوا، وملابسة الأمة على البر والجفاء، وعلى الإحلاء والإمرار، وعلى الخشونة واللين، وبأننا الغرض المنصوب للسهام، لأننا- دائمًا- في مكان القيادة في الصفوف، فلا تصل الرمية إلى أحدكم إلا بعد أن نثخن ولا يبقى فينا موضع لسهم! فإذا رأيتمونا نمسكم بالشدة أحيانًا، ونقسو عليكم في التثقيف، فذلك لكي يخلص لنا من عَشَراتِكُمِ آحادٌ يخلفوننا في هذه الخلال، إذا خلتْ أمكنتنا في المراكز الأمامية، بعد أن يقطعوا من مراحل العمر ومقامات التدريب ما يؤهلهم لذلك.
أنتم في ميادين التعليم فرسان سباق، منكم المبتدي، ومنكم الشادي، وفيكم المغبر، وفيكم المتخلف، ولا يكشف عن جواهر الأصالة والعتق فيكم إلا هذه الأعمال، التي واجهتكم في أطوار الحداثة والاقتبال، خيرةً من الله، فيها الخير واليمن، وتوجيهات منه، فيها السداد والنجح، وامتحانًا من زمنكم، فيه التربية والتمحيص، وفيه التمرس والاحتكاك، فإذا تكشف هذا الامتحان عن نتيجة صادقة كنتم غريبةً في الأجيال، وفلتةً في السنن، وعذركم الشفيع في هذا التفاوت أنكم لستم أبناء مدرسة واحدة، تجمع وتوحد، وتقارب وتسدّد، وأنكم لا ترجعون جميعًا إلى تربية منزلية، أحكمتها العادات الرشيدة، وأقرّتها المصطلحات المفيدة، ولا إلى توجيه حكومي، يهيئكم للحياة، ويسوسكم بالمصلحة، ويروضكم على الرجولة، ويجمعكم على المنفعة، وإنما أنتم أبناء زمن عقه آباؤكم فعقكم، وأضاعوا حقه، فأضاع حقكم، وتنكروا له فتنكر هو لكم، فما افترّت شفاهكم له عن ابتسامة إلا قابلها بالتجهم، ولا أزلفتم إليه بتحقّق إلا عاملكم بالتوهم، ولا مددتم إليه كف رغبة إلا ردّها بالحرمان.
أنتم- في وضعكم الاجتماعي- أبناءُ حياة ليس لكم في تسييرها يد، ووطن ليس لكم في أرضه مستقرّ، وجيل ليس لكم في تكوينه أثر، وتاريخ ليس لكم في تسطيره قلم، وقانون ليس لكم في وضعه شرْك، وحاضر ليس لكم في تدبير مستقبله رَأيٌ، فجئتم على هذه الصورة التي لا تأتي إلا في فترات مجنونة من الزمن، وفي فلتات شاذة من الطبيعة، أو انعكاسات غريبة من نظام الخلق.
وأنتم- في وضعكم العلمي- أبناء مدارس (1)، وجودها في زمان، وروحها في زمان، فهي من يقظتها في حلم، وهي مع جدّة الزمان في قدَم، وهي لا تعطي من الحياة إلا صورَها الميتة، وهياكلها العظمية، وألوانها الحائلة، هذه المدارس التي بنيت بإرشاد القرآن، فأصبحت وهي أبعدُ شيء عن القرآن، وهدْي القرآن، وخلق القرآن، بل لا يُبعد من يقول: إنها أصبحتْ معاول لهدم القرآن، لأنها لم تخدم القرآن، بهذه العلوم التي قالوا: إنها خادمة للقرآن، فلم تزكِّ النفوس التي جاء القرآن لتزكيتها، ولم تهيئها لسعادة الدنيا، ولا لسعادة الآخرة، ولم ترفع العقل من درجة الحَجر إلى درجة الاستقلال في التعقل، ولم تصحح موازينه في إدراك الحياة وفقه أسرارها، وليت شعري: هل صححت دراسةُ المنطق في هذه المدارس- بهذه الطريقة اللفظية العقيمة- إدراكات العقول ومقاييسها، كما صححت دراسته العلمية إدراكات القدماء أو كما صححت إدراكات المعاصرين لماضي الأمم الأخرى؟ وهل طبت هذه المدارس لأخلاق أبنائها الذين أذووْا زهرات أعمارهم فيها؟ وهل أفاضت البيان في قرائحهم وألسنتهم وأقلامهم؟
ليس الذنب في هذه الحالة الأليمة ذنبكم، وليست التبعة فيها واقعة عليكم. بل أنتم فرائس هذه الأخلاط القاتلة، وأنتم المجني عليكم لا الجناة، وإنما التبعة على الذين يملكون القدرة على التغيير، ثم لا يغيرون، وتواتيهم الفرص إلى الإصلاح، ثم لا يصلحون.


إن كثيرًا منكم في حاجة إلى الاستزادة من التحصيل لو تيسرتْ لهم أسبابه، وانفتحت في وجوههم أبوابه، ولكنهم انقطعوا عن التعلم اضطرارًا، فشغلناهم بالتعليم اضطرارًا، لأن حالتنا جميعًا- وأمتنا معنا- حالةُ اضطرار لا اختيار معه، وحالة شذوذ لا قاعدةَ له، وإن التعليم لإحدى طرق العلم للمعلم قبل المتعلم، إذا عرف كيف يصرّف مواهبه، وكيف يستزيد وكيف يستفيد، وكيف ينفذ من قضية من العلم إلى قضية، وكيف يخرج من باب منه إلى باب؛ فاعرفوا كيف تدخلون من باب التعليم إلى العلم، ومن مدخل القراءة إلى الفهم؛ وتوسّعوا في المطالعة يتسع الاطلاع، ولا يصدنكم الغرور عن أن يستفيد القاصر منكم من الكامل، والكامل ممن هو أكمل منه.
إن حاجتنا إليكم هي أن تنقذوا هذا الجيل الناشئ من الأمية التي ضربت بالشلل على مواهب آبائهم، وكانت نقصًا لا يعوَّض في إنسانيتهم، ثم كانت سببًا في كل ما يعانونه من بلاء وشقاء؛ وأن تحببوا إليهم العربية، وتزينوها في قلوبهم، وأن تطبعوهم على التآخي والتعاون على الخير، وأن تربُّوهم على الفضيلة الإسلامية التي هي مناط الشرف والكرامة والكمال، وأن تأخذوهم بممارسة الشعائر الدينية صغارًا، حتى نأمن تضييعهم لها كبارًا، وأن تزرعوا في نفوسهم حب العلم والمعلم، وحب الأب والأم، وحب بعضهم بعضًا، وحب الله ورسوله والإسلام قبل ذلك ومعه وبعده.
لا يضيركم ضعف حظكم من العلم إذا وفر حظكم من الأخلاق الفاضلة، فإن أمتكم في حاجة إلى الأخلاق والفضائل؛ إن حاجتها إلى الفضائل أشد وأوْكد من حاجتها إلى العلم، لأنها ما سقطت هذه السقطة الشنيعة من نقص في العلم، ولكن من نقص في الأخلاق.
أخشى أن تغيب عن بصائركم حقيقةٌ ثابتة، وهي أنكم معلمون للصغار، وأئمةٌ للكبار، أولئك يأخذون من أخلاقكم وعلمكم، وهؤلاء يأخذون من أخلاقكم؛ فإذا راعيتم الجانب الأول، واعتقدتم أنكم معلمون للصغار، وحسبُ المعلم أن يؤدّي وظيفته أداءً آليًّا، وأغفلتم الجانب الثاني فلم تبالوا بما يأخذه منكم استقامةً واعوجاجًا، كان ضركم أكثر من نفعكم؛ وإن الذي يلوح لي من تتبع أعمالكم، وتقصّي أحوالكم، أن كثيرًا منكم عن هذه الحقيقة غافلون.
يسوءني أن أرى في كثير مما يرجع إليّ من شؤونكم، هنات يهوّنها عليكم الترخص واتساع مجال الإباحة، وتغضّون النظر عن عواقبها إذا استشرتْ، وسرَت عدواها من بعض إلى بعض، وأصبحت وسمًا لكم وتعريفًا بكم، وتزنونها بمعانيها عندكم لا بآثارها في الأمة، مما يدخل في معنى “الاستهانة بشعور الأمة”.

- 2 -
إنّ هذه الأمة- يا أبنائي- هي أمتنا، وهي رأس مالنا شئنا أو أبينا، وهي عوننا على العلم، وهي مدَدُنا وملاذنا، وهي نصرتنا ومعاذنا، وهي مناط قوتنا، ومظهر أعمالنا، فعلينا أن نراعي شعورها في غير واجب يترك، أو محرم يؤتى، وأن نسير بها إلى الغاية في رفق وأناة، لا أقول لكم: سايروها على الباطل، وجاروها في البدع، وواطئوها على الضلال، فذلك ميدان وقفنا فيه قبلكم موقف المنكر المتشدّد، ونازلنا أبطال الباطل حتى زلزلنا أقدامهم، ونكسنا أعلامهم، وقد أرحناكم ومهدنا لكم السبيل، وإنما حديثنا فيما دون ذلك، مما مرجعه العادة لا الدين، وسبيله العرف لا السنة، ودرجته الكمال لا الضرورة، ولنا في نبينا- صلى الله عليه وسلم- القدوة الحسنة، فقد كان يجاري العرف الجاري، ما لم يناقض عقيدة دينية أو حكمًا شرعيًّا، وإذا توقف إصلاح الأمة على هجر الشهوات، والإمساك عن بعض المباحات، فمن الواجب أن يقدم حظ الأمة على حظ النفس.


أنتم جنود العلم، ولكلمة “جندي” معنى يبعث الروعة، ويوحي بالاحترام، ويجلب الشرف، ويُغلي القيمة، لأنه في غاية معناه حارس مجد، وحافظ أمانة، وقيّم أمة، لذلك كان من واجبات الجندي الصبر على المكاره واللزبات، والثبات في الشدائد والأزمات، والسمع والطاعة فيما يغمض على الأذهان فهمه من العلل، ويعسر على العقول هضمه من الحكم؛ فإذا استرسل الجندي في الجزع والشكوى، أو خانه الصبر فلاذ بالضجر،- أخطأ النصر، وضاع الثغر، وإنما أنتم حراس دروب، ومرابطة ثغور، فاصبروا واثبتوا، وقد كفيناكم سداد الرأي، فهاتوا سداد الإرادة وسداد العمل.
وأنتم ممثلو جمعية العلماء في ناحية من أهم أعمالها، وهي التربية والتعليم، فكل واحد منكم صورة مصغرة من الجمعية في نظر الأمة، وجمعية العلماء هي رمز الدين الصحيح، وهي حارس الفضيلة الإسلامية، وهي المثال المفسر للحكمة المحمدية بأحسن تفسيراتها، وهي المثل المضروب في مقاومة الباطل والمبطلين، وهي مظهر القدوة الدينية اعتقادًا وعملًا؛ فهي- لذلك كله- ملءُ سمع الأمة وبصرها، وهي الأريج المتضوّع بسمعة الجزائر في العالم الإسلامي، فكونوا- في مظهركم ومخبركم- أمثلةً صحيحةً منها، واعلموا أن كل زلة منكم- وإن صغرت- محسوبةٌ على جمعية العلماء، منسوبةٌ إليها.
وفي وطنكم موجة من الإلحاد، جاءت في ركاب الثقافة الغربية، ومكن لها القصد الصحيح من غايات الاستعمار، ومهد لها في نفوس هذا الجيل جهله بحقائق الإسلام، وضعف صلته بالله، وإنّ تساهلكم في إقامة شعائر الدين، أو استخفافكم بأحكامه، معين على تفشي الإلحاد في الجيل الجديد الذي تقومون على تربيته، فاحذروا الظهور بمظهر المستخف بالدين، ولو في فلتات اللسان، فإن لكل فلتة ولكل كلمة تصدر منكم أثرًا في نفوس تلاميذكم؛ لأنكم محل القدوة عندهم، ولأن زمنهم يتبرع بالباقي، فإذا وجد العون منكم كان أجود بالشر من الريح المرسلة.
وفي زمنكم عارض من انحلال الأخلاق، بعض أسبابه في الواجدين الاسترسال في الشهوات، وبعض أسبابه في المعدمين التشوّف إليها، وأكبر أسبابه في الجميع الاستعمار وأساليبه في علاج المرض بالموت، وغسل النجيع بالرجيع، فعالجوا هذا الداء قبل حلوله في نفوس الصغار بتقوية العزائم والإرادات فيهم، وبتعويدهم الصوم عن الشهوات، وبتحبيب العمل إليهم، حتى إذا انتهوا إلى الحياة العملية اقتحموا ميادينها بنفوس غير نفوسنا، وهمم غير هممنا، وعزائم غير عزائمنا، وإرادات غير إراداتنا، وقدرة على كبح الغرائز الشهوانية غير قدرتنا.
أنتم حراس هذا الجيل الجديد، والمؤتمنون عليه، والقوّامون على بنائه، وأنتم بناة عقوله ونفوسه، فابنوا عقوله على أساس من الحقيقة. وابنوا نفوسه على صخرة من الفضائل الإنسانية، وأشربوه عرفان قيمتها؛ فإن من لم يعرف قيمة الثمين أضاعه؛ وقد غبنت هذه القيم في عصركم فكان ما ترون من فوضى واختلاط.
ربوهم على ما ينفعهم وينفع الوطن بهم، فهم أمانة الوطن عندكم، وودائع الأمة بين أيديكم.
ربوهم على التحابّ في الخير، والتآخي في الحق، والتعاون على الإحسان، والصبر إلا على الضيم، والإقدام إلا على الشر، والإيثار إلا بالشرف، والتسامح إلا في الكرامة.
ربوهم على استخدام المواهب الفطرية من عقل وفكر وذهن، وعلى صدق التصور وصحة الإدراك ودقة الملاحظة والوقوف عند حدود الواقع.
هناك حدود مشتركة بين الضار والنافع من أعمالكم، فتبينوها ثم اعملوا على قدرها، ولا تجاوزوا حدًّا إلى حد، فتضروا من حيث قصدتم إلى النفع، فمدح المجتهد من تلامذتكم مذكٍ للنشاط، كما هو مدعاة إلى الغرور، والفصلُ بينهما رهينُ لفظة مدح مقدرة أو مبالغ فيها منكم؛ ولأن تخمدوا نشاطًا، خيرٌ من أن تُشعلوا غرورًا في نفس التلميذ، إن النشاط قد يعاود، ولكن الغرور لا يزايل، وإن الغرور لأعضلُ داء في عصركم، وإن صنفكم لأكثر الأصناف قابليةً لهذا الداء، لما فيه من إيهام بالكمال في موضع النقص، وتمويه للتخلف بالتقدم، وتغطية للسيّئ بالحسن، وهذه محسنات الغرور في نفوس المغرورين، والغرائز ضارية، والتجارب فضَّاحة، والصراع بينهما كان وما زال ولا يزول، فاحذروا الزّلة في هذا المزلق، وحذّروا تلامذتكم منها بالقول والعمل.
ربوهم على بناء الأمور على أسبابها، والنتائج على مقدماتها علمًا وعملًا، واعلموا أن العلم يبدأ مرحلته الأولى من هذه البسائط التي تقع عليها حواسكم في الحياة كل لحظة فتحتقرونها ولا تلقون لها بالًا، مع أن مجموعها هو العلم إذا وجد ذهنًا محللًا، وهو الحياة إذا وجدت عقلًا مفصّلًا.
بيّنوا لهم الحقائق، واقرنوا لهم الأشباه بالأشباه، واجمعوا النظائر إلى النظائر، وبيّنوا لهم العلل والأسباب، حتى تنبت في نفوسهم من الصغر ملكة التعليل، فإن الغفلة عن الأسباب هي إحدى المهلكات لأمتكم، وهي التي جرّت لها هذه الحيرة المستولية على شواعرها، وهذا التردد الضارب على عزائمها، وهذا الالتباس بين المتضادات في نظرها.
امزجوا لهم العلم بالحياة، والحياة بالعلم، يأتِ التركيب بعجيبة، ولا تعمروا أوقاتهم كلها بالقواعد، فإن العكوف على القواعد هو الذي صير علماءنا مثل “القواعد”، وإنما القواعد أساس، وإذا أنفقت الأعمار في القواعد فمتى يتمّ البناء؟
ربوهم على أن يعيشوا بالروح في ذلك الجو المشرق بالإسلام وآدابه وتاريخه ورجاله، ذلك الجو الذي يستوي ماضيه ومستقبله في أنهما طرفا حق لا يشوبه الباطل، وحاشيتا جديد لا يبليه الزمن، وعلى أن يعيشوا بالبدن في هذا الزمن الذي يدين بالقوة، ويُدلّ بالبأس، وعلى أن يعيشوا بالروح في ذلك الزمن المشرق العامر بالحق والخير والفضيلة، وعلى أن يلبسوا لبوس عصرهم الذي يبني الحياة على قاعدتين: “إن لم تكن آكلًا كنت مأكولًا”! و”كن قويًّا تحترم”.
1 نشرت في العدد 132 من جريدة «البصائر»، 9 أكتوبر سنة 1950.
2 نشرت في العدد 133 من جريدة «البصائر»، 23 أكتوبر سنة 1950
” آثَارُ الإِمَام مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي ”

اقرأ أيضا:

0 التعليقات



Emoticon