أعرف أنّ كتاباتي مقارنة بما تشعر به لا تساوي شيئا، أدرك ذلك حين
أرى وجعك مرتسما على حروفك، حتّى وجهك المبتسم ذاك يخفي وراءه حزنا عميقا لا تنجح الكتابة
ولا الأسئلة الكثيرة في اختراقه.
ربّما في لحظة ما تناسيت كلّ الظروف وفكّرت فقط في شيء واحد، وهو رؤيتك
في حال أفضل، لكنّ حالك كانت تسوء، ولا زالت تسوء كلّ مرة أكثر كلّما طالعت صفحتك وما
تكتب فيها.
لا جديد سوى الوجع المتكرر كلّ يوم، ذات النفس الذي لا يستطيع أن يخرج
بحرية إلى الأفق، لا يستطيع أن ينشد أملا ما، فكل شيء مكبّل بواقع من أسفلت لا يتزحزح
من مكانه أبدا.
يبدو المخيم في حضرتك حزينا أكثر، حزينا جدا يا طفل المخيم، يا رجل
المخيّم، يا وجع المخيم ويا وجع كل الوطن من الفاء إلى النون.
حزين وطنك وحزنه يغريني لأكتب أكثر، لأنبش أظافري في ظهر الزمان وأكفر
بكلّ المسافات التي لا توصلنا إلى حيفا، كل الحواجز التي تجعلنا مصابين بعشق أبديّ
وأمل لا ينتهي، هو الموت لأجل لقاء على مقاس مدينة ووطن وحب وحلم ووميض فرح يمر بتلك
السماء التي لا تمطر إلا موتا مؤثثا للحالمين.
أعترف أني لا أستطيع شيئا من أجلك سوى الدعاء لك، بقلب يخفق نبضه على
وقع صوت الرصاص الذي يخترق سماء الوطن بين حين وآخر.
لا أستطيع من أجلك شيئا، لكنّي سأواصل الكتابة علّي من خلالها أنفذ
إلى أغوار أخرى لا أعرفها ولا تعرفني، لعلي فيها ألتقي بك حقيقة لا وهما وسرابا ألهث
وراءه في الحلم، ولعلّها تجعلك يوما ما تدرك أننا ربّما التقينا لنرسم شيئا مختلفا
في هذا الكون المقامر بأحلام العاشقين سرا وجهرا، لنكون ربّما شيئا عظيما سيغدو له
أثر ما ذات يوم، من أجلنا نحن أو من أجل أشخاص آخرين نعرفهم أو لا نعرفهم.
اعتبرني صديقة لا تشبه أصدقائك، وأحبني بصدق، أختا لم تنجبها والدتك
وأحبني بوفاء، أميرة لقلبك وأحبني بجنون. اعتبرني عصفورا حطّ على يديك مرّة فأطعمته
قطعة من قلبك، أو ربّما فراشة ارتوت من نورك يوما فصار لها أجنحة بلون عينيك، ربّما
زهرة امتلأت حياتك بعبـيـرها ذات ربيع مختلف، أو غيمة أمطرت ذات شتاء في روحك ومضت
تنبت فيها الحياة والزهور.
أحبني جدا ولا تنس أبدا. اقرأني كلّما صادفتني بصدق، سأكتب دائما لتقرأْ.
0 التعليقات